الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

30 وقفة في فن الدعوة للشيخ عائض القرني

 30 وقفة في فن الدعوة





- الإخلاص في الدعوة :



 وأن يقصدوا ربهم في عملهم ، وألا يتطلعوا إلى مكاسب دنيوية زائلة إلى حُطام فان

 فلا يطلب الداعي منصباً ، ولا مكاناً ، ولا منزلة ، ولا شهرةً ، بل يريد وجه الواحد الأحد .

2 – تحديد الهدف :

يجب أن يكون هدف الداعية واضحاً أمامه ، وهو إقامة الدين ، وهيمنة الصّلاح ،

 وإنهاء أو تقليص الفساد في العالم (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ

وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) .

 – التحلي بصفات المجاهدين :

الداعية كالمجاهد في سبيل الله ، فكما أن ذاك على ثغر من الثغور ،
 فهذا على ثغر من الثغور ، وكما أن المجاهد يقاتل أعداء الله ،
فهذا يقاتل أعداء الله من الذين يريدون تسيير الشهوات والشبهات ،وإغواء الجيل ،


4- طلب العلم النافع :

ولابد أن يكون ذا علم نافع ، وهو علم قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم
، ليدعو الناس على بصيرة ، فيحفظ كتاب الله أو ما تيسّر من كتاب الله _
 عز وجل _ ويُعنى بالأحاديث عناية فائقة فيخرجها ، ويصحح المصحح منها ،
ويضعف الضعيف حتى يثق الناس بعلمه ، ويعلم الناس أنه يحترم أفكارهم ،
وأنه يحترم حضورهم ، فيجب أن يحترم الجمهور بأن يحضر لهم علماً نافعاً
، جديداً بناءً ، مرسوماً على منهج أهل السنة والجماعة .
كذلك على الداعية أن يكون حريصاً على أوقاته في حلّه وترحاله ، في إقامته وسفره
، في مجالسه ، فيناقش المسائل ، ويبحث مع طلبة العلم ، ويحترم الكبير ،
 ويستفيد من ذوي العلم ، ومن ذوي التجربة والعقل .


إذا فعل ذلك سدد الله سهامه ، ونفع بكلامه ، وأقام حجته ، وأقام برهانه .


5- ان لايدعي المثالية


، وأن الناس مقصرون وانحطاط الأمة 

، فإنه يتصور في الخيال أن الناس ملائكة
فحق على العالم وحق على الداعية أن يتعامل مع هذا الجيل ويتوقع منه الخطأ ،

 ويعلم أن الإنسان سوف يحيد عن الطريق ، فلا يعيش المثاليات .

7 – عدم الهجوم على الأشخاص بأسمائهم :



من مواصفات الداعية ألا يُهاجم الأشخاص ب؟أسمائهم ، فلا ينبذهم على المنابر بأسمائهم أمام الناس

، بل يفعل كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول : (( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا )).


وينبغي على الداعية أن لا ييأس من استجابة الناس ، بل عليه أن يصبر ويثابر ،
 ويسأل الله لهم الهداية في السجود ، ولا يستعجل عليهم ، فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم
 مكث في مكة ثلاث عشرة سنة يدو إلى (( لا إله إلا الله )) ، فلم ييأس مع كثرة الإيذاء

!! ومع كثرة السب !! ومع كثرة الشتم !! واعلم أن ما تتعرض له من صعوبات

 لا يقارن بما تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك صبر وتحمل كل ذلك


– الداعية لا يزكي نفسه عند الناس :
على الداعية ألا يُزكي نفسه عند الناس ، بل يعرف أنه مقصر مهما فعل ،
 ويحمد ربه سبحانه وتعالى أن جعله متحدثاً إلى الناس
، مبلغاً عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، فيشكر الله على هذه النعمة ،
فلا يأتي الداعية فيزكي نفسه ، ويقول : أنا آمركم دائماً وتعصونني !
وأنهاكم ولا تمتثلوا نهيي ! وأنا دائماً ألاحظ عليكم .. وأنا دائماً أرى ،
 وأنا دائماً أقول ، أو أنا دائماً أُحدث نفسي إلى متى تعصي هذه الأمة ربها ؟! فيخرج نفسه من اللوم والعقاب ، وكأنه بريء !! فهذا خطأ .
 بل بل يجعل الذنب واحداً ، والتقصير واحداً ، فيقول لهم : وقعنا كلنا في هذه المسألة
، وأخطأنا كلنا ، فما نحن إلا أسرة واحدة ، فربما يكون من الجالسين من
هو أزكى من الداعية ، ومن هو أحب إلى الله ، وأقرب إليه منه


!9- عدم الإحباط من كثرة الفساد والمفسدين :

فينبغي ألا يصاب الداعية بالإحباط ، وألا يصاب بخيبة أمل ، وهو يرى الألوف المألفة

 تتجه إلى اللهو ، وإلى اللغو ، والقلة القليلة تتجه إلى الدروس والمحاضرات
 ، فهذه سنة الله في خلقه ( وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ) الأحزاب
فإن الله ذكر في محكم تنزيله أن أهل المعصية أكثر ، وأن الضلال أكثر وأن المفسدين

في الأرض أكثر ، فقال : ((وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ )) سبأ .. وقال :
 ((وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )) الأنعام .. وقال سبحانه وتعالى
: ((وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ

10 – عدم المزايدة على كتاب الله :

فإن بعض الوعّاظ والدعاة يحملهم الإشفاق والغيرة على الدين على أن يزيدوا عليه

 ما ليس فيه ، فتجدهم إذا تكلموا عن معصية جعلوا عقابها أكثر مما جعله الله –
 عز وجل – حتى إن من يريد أن ينهى عن الدخان وعن شربه يقول مثلاً :
 ( يا عباد الله ، إن من شرب الدخان حرَّم الله عليه دخول الجنة ،
 وكان جزاؤه جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ) !!
هذا خطأ ، لأن هناك موازين في الشريعة .. هناك شرك يخرج من الملة .

وهناك كبائر ، وهناك صغائر ، وهناك مباحات . قد جعل الله لكل شيء قدراً .
فعلى الداعي ألاّ يهول على الناس في جانب العقاب ، كما عليه ألا يهول عليهم في

جانب الحسنات كأن يستشهد بالحديث – وهو ضعيف – الذي يقول :
 ( صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بلا سواك ) انظر الفوائد المجموعه
 في الأحاديث الموضوعه للشوكاني رقم 22 .. وحديث – وهو باطل - :
( من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله بني له سبعين قصراً في الجنة ،
 في كل قصر سبعون حورية ، على كل حورية سبعون وصيفاً ،
ويبقى في سبعين من صلاة العصر إلى صلاة المغرب ...)!
فالتهويل ليس بصحيح ، بل يكون الإنسان متزناً في عباراته

 ،
11 – عدم الاستدلال بالأحاديث الموضوعة :

على الداعية ألاّ يستدل بحديث موضوع إلا على سبيل البيان ، ويعلم أن السنة ممحصة ومنقاة

، وأنها معروضة ، ولذلك لما أوتي بالمصلوب – هذا المجرم الذي وضع أربعة آلاف
 حديث على محمد صلى الله عليه وسلم كذباً وزوراً – إلى هارون الرشيد ليقتله ،
فسلَّ هارون الرشيد عليه السيف ، قال هذا المجرم : اقتلني أو لا تقتلني ،
والله لقد وضعت على أمة محمد أربعة آلاف حديث !!
ونحذر الدعاة من أن يذكروا للناس حديثاً موضوعاُ ، ولو قالوا إنه في

مصلحة الدعوة إلى الله ، فالمصلحة كل المصلحة فيما ورد عن رسول الله صحيحاً

أما الأحاديث الضعيفة فلها شروط ثلاثة للاستدلال بها : الشرط الأول : ألا يكون ضعيفاً شديد الضعف . الشرط الثاني : أن تكون القواعد الكلية في الشريعة تسانده وتؤيده . الشرط الثالث : ألا يكون في الأحكام بل يكون في فضائل الأعمال .
وقد ذكر شيخ الأسلام ابن تيمية – رحمه الله – عن الإمام أحمد أنه قال :

 (( إذا أتى الحلال والحرام تشددنا ، وإذا أتت الفضائل تساهلنا ))

 13 – أن يجعل الداعية لكل شيء قدراً :

لا ينبغي للداعية أن يعطي المسألة أكبر من حجمها ، فالدّين مؤسس ، والدينّ مفروغ منه

 وكذلك لا يصغر المسائل الكبرى أو يهوّنها عند الناس .. ومن الأمثلة على ذلك : أن بعض الدعاة يعطي مسألة إعفاء اللحية أكبر من حجمها حتى كأنها التوحيد الذي
 يخلد به الناس أو يدخل الناس به الجنه ، ويدخل الناس بحلقها النار ويخلدون فيها !
مع العلم أنها من السنن الواجبات ، ومن حلقها فقد ارتكب محرماً ، لكن لا تأخذ حجماً أكبر
من حجمها ، وكذلك مسألة إسبال الثياب ، والأكل باليسرى ، وغيرها من المسائل .
 لا يتركها الداعيه أو يقول إنها قشور فيخطئ ، ولا يعطيها أكبر من حجمها ،
 فقد جعل الله لكل شئ قدراً .
والحر ميزان ، فعليه أن يفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد تكلم عن التوحيد

في جّل أحاديثه ومجالسه ، وأعطى المسائل حجمها حتى لا يُصاب الناس بإحباط . فإن التربيه الموجهة أن تصف له المسألة السهلة فتكبرها عنده ،
 وتصغر له المسألة الكبرىأحياناً يصغر بعض الناس من مسألة السَّحر ، واستخدام السحر ،
 ويقول هو مذنب ، مع العلم أنه عند الكثير من أهل العلم مخرج من الملة ، وحّد السحر
 ضربه بالسّيف ، ومع ذلك تجد بعض الدعاة يصغر من مسألة السحر !
وأحياناً يصغر بعض الدعاة كذلك من شأن الحداثة ، والهجوم على الإسلام

في بعض الصحف والمجلات والجرائد ، ويقول : هذا ممكن ، هذا أمر محتمل ،
 المسألة سهلة ويسيرة !! إلى غير ذلك من الأمور


.14 – اللين في الخطاب والشفقة في النصح :

على الداعية أن يكون ليَّنا في الخطاب ، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم لين

 الكلام بشوش الوجه ، وكان صلى الله عليه وسلم متواضعاً محبباً إلى الكبير والصغير
، يقف مع العجوز ويقضي غرضه ، ويأخذ الطفل ويحمله ، ويذهب إلى المريض
ويعوده ، ويقف مع الفقير ، ويتحمل جفاء الأعرابي ، ويرحب بالضيف ،
وكان إذا صافح شخصاً لا يخلع يده من يده حتى يكون الذي يصافحه هو الذي يخلع ،
 وكان إذا وقف مع شخص لا يعطيه ظهر حتى ينتهي من حديثه ،
وكان دائم البسمة في وجوه أصحابه صلى الله عليه وسلم لا يقابل أحداً بسوء

15 - حسن التعامل مع الناس وحفظ قدرهم :

فعلى الداعية أ ن يُثني على أهل الخير ، ويشكر من قدم له معروفاً ، فإن الداعية إذا أثنى

 على أهل الخير عرفوا أنه يعرف قدرهم ، وأنه يعرف الجميل ، أما أن تترك صاحب
الجميل بلا شكر و المخطئ بلا إدانة وبلا تنبيه ، فكأنك ما فعلت شيئاً !
لا بدّ أن تقول للمحسن أحسنت ، وللمسيء أسأت ، لكن بأدب ، فكبار السن يحبون منك

أن تحتفل بهم ، وأن تعرف أن لهم حق سن الشيخوخة ، وأنهم سبقوك في الطاعة ،
وأنهم أسلموا قبلك بسنوات ، فتعرف لهم قدرهم .



 .17 الإلمام بالقضايا المعاصرة والثقافة الواردة :

 ومن يجد كتاباً فيه شبهة أو فيه نظر فليعرضه على من هم أعلى منه حتى يكون على بصيرة ،
 ونخرج بحلُّ إما بتنبيه أو بنصيحة عامة


.18 – مخاطبة الناس على قدر عقولهم :

على الداعية أن يكون حاذقاً ، يخاطب الناس على قدر عقولهم ، فإذا أتى إلى

 المجتمع القروي تحث بما يهم أهل القريه من مسائلهم التي يعيشونها ،
وإذا أتى إلى طلبة العلم في الجامعة حدثهم على قدر عقولهم من الثقافة والوعي .
وإذا أتى إلى مستوى تعليمي أدنى تنزل إليهم في مسائلهم وتباطأ ،
 فإن لكل مسائل .فمسائل البادية – مثلاُ - : الشرك أو السحر أو الكهانة أو الإخلال
 بالصلاة أو نحو ذلك .ومسائل أهل الجامعة - مثلاُ - : الأفكار الواردة من علمنة وإلحاد وحداثة
 ، وشبهات وشهوات .ومن مستوى الأدنى من ذلك : الجليس ، بر الوالدين ، حقوق الكبار
، حفظ الوقت ، قراءة القرآن .. ونحو ذلك . فلا بدّ من مخاطبة الناس على قدر عقولهم ، وعلى قدر مواهبهم ، وعلى قدر استعدادهم
، انظر إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم يخاطب معاذ بن جبل بخطاب لا يخاطب به
 غيره من الأعراب ، فيخاطبه عن العلم ، وعن أثر العلم ، وعن حفظ الله ، وعن حدود الله ،
ويخاطب الأعراب عن التوحيد وأنه يقودهم إلى جنة عرضها السماوات والأرض .. ونحو ذلك


.19 – ألا يسقط عيوبه على الآخرين :

مما ينبغي على الداعية أن يَحذَرَ منه ألاّ ينتقد الآخرين ليرفع من قدر نفسه .

 (( وهو أسلوب الإسقاط )) كما يُسمّى هذا في التربية .. أن تسقط غيرك لتظهر أنت
، ويفعله بعض الناس من أهل الظهور وحبّ الشهرة – والعياذ بالله من ذلك –
 وأهل الرياء والسمعة ، فإنه إذا ذكر له عالم قال فيه كذا وكذا !! وإذا ذُكر له داعية
، قال : ما أرضى مسيره في الدعوة !! وإذا ذكر له كاتب انتقده ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه :
 - سقاه الله من سبيل الجنة - : (( بعض الناس كالذباب لا يقع إلا على الجرح )).
فالذباب يترك البقعة البيضاء في جسمك ، فإذا كنت لابساً ثوباً أبيض وكنت متطيباً ،

 لا يقع الذباب عليه ! لكن إذا رأى جرح في إصبعك وقع عليه ! وتجد أسلوب الإسقاط هذا عند بعض الناس يقول : شكر الله للداعية فلان كذا وكذا !!
لا يترك الاستنقاد ولا يترك الانتقاد ، ولا يترك الاستثناء ، ولا يترك الاستدراك ،
 حتى يظهر هو كأنه هو الذي لا عيب فيه قط !
وتجد من الأساليب ( المدبلجة ) التي دبلها الشيطان على بعض الدعاة فإنه يأتي –

مثلاً – ويدعو في قالب النصح للداعي ، ويريد أن ينتقصه ، فإذا ذكر له داع قال :
هداه الله أسأل الله أن يهديه ، فتقول له : لماذا ؟ يقول : أسأل الله أن يهديه ( وكفى ) !
فتعرف أن وراء هذه الدعوة شيء ، وأنه يريد بها شيئاً آخر ،

 وهذا دعاء لا يؤجر عليه !
قال ابن المبارك : (( رُبَّ مستغفر أذنب في استغفاره ، قالوا : كيف ؟ قال :

 يُذكر له بعض الصالحين فيقول : أستغفر الله ، ومعناها أنه ينتقد عليه ،
فلا يكتب له أجر هذا الاستغفار بل يسجل عليه خطيئة



! 20 – أن يتمثل القدوة في نفسه :

على الداعية أن يتمثل القدوة في نفسه ، وأن يسدد ويقارب ، وأن يعلن أن خطأه يتضخَّم

 ! فالخطأ منه كبير ، وأن الناس ينظرون إليه .قد هيأوك لأمر لو فطنت له
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل فإنه أصبح أمامهم كالمرآة كلما وقعت فيها نقطة سوداء

 صغيرة كبرت وتضخمت ، فليتق الله في هذه الأمة حتى لا يكون سبباً لهلاك كثير من الناس
، فإنا رأينا كثيراً من العامة وقعوا في كثير من الخطايا بسبب فتاوى ،
 أو بسبب تصرفات اجتهادية من بعض الفضلاء ربما أوجروا عليها ..
 أخطئوا خطأ واحداً ، ولكن وقع بسببهم عالَم !! قال بعض الفضلاء : زلة العالمِ زلَّة عالَم !
فعليه أن يدرس القرار قبل أن يتخذه ، وعليه أن يدرس الخطوة التي يُريد أن يخطوها

حتى لا يكون عرضة لتوريط كثير من الناس ! وكم جُوبه الإنسان بفتاوى من عامة
الناس يستدلون بها بفعل بعض الفضلاء والأخيار ، وهذا خطأ عظيم



!21 – التآلف مع الناس :

ينبغي للداعية أن يتآلف مع الناس بالنفع ، فيقدم لهم نفعاً ، فليست مهمة الداعية فقط

 أن يلاحقهم بالكلام ! أو يلقي عليهم الخطب والمواعظ ! لكن يفعل كما
فعل رسولنا صلى الله عليه وسلم ، يتآلفهم مرة بالهداية ومرة بالزيارة ، ولا بأس بالدعوة ،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس وآلفهم وأعطاهم وأهدى لهم
، بل كان يعطي الواحد منهم مائة ناقة ، وكان يأخذ الثياب الجديدة ،
 وكان يعانق الإنسان ويجلسه مكانه ، فهذا من التآلف . وليست هناك صعوبة لتأليف كثير من الناس ، وردهم إلى الله -
عز وجل – مثل تأليف كثير من الشباب العصاة .. إذا رأيت شاباً عاصياً وعلمته ،
 أو وجدت شاباً لا يستطيع الزواج ودفعت له المهر أو شيئاً من المهر ،
وقلت له أن يصحبك لصلاة الجماعة ، وأن يعود إلى الله وأن يتوب .
أن تتآلف إنساناً تراه – مثلاً – مدمناً للمخدرات بشيء من المال بشرط أن يتركها ويجتنبها وهكذ



ا .22 – أن يكون عند الداعية ولاء و براء نسبي :

ينبغي على الداعية أن يكون عنده ولاء وبراء نسبي ، حُبّ وبغض ، على حسب طاعة الناس

، وعلى حسب معصيتهم ، ولا تحب حباً مطلقاً لمن فيه طاعة ، ولا تبغض بغضاً مطلقاً
 لمن فيه معصية ، ولكن تحب الإنسان على قدر طاعته وحبه لله ، وتبغضه على
قدر معصيته ومخالفته لله ، فقد يجتمع في الشخص الواحد حب وبغض ،
 تحبه لأنه يحافظ على صلاة الجماعة ، وتبغضه لأنه يغتاب الناس !
تحب شخصاً آخر لأنه يعفي لحيته ، وتبغضه لأنه يسبل ثوبه ،

 فيجتمع في الشخص الواحد حب وطاعة ! 23 – أن يكون الداعية اجتماعياً :

على الداعية أن يشارك الناس أحزانهم ، ويحل مشكلاتهم ، ويزور مرضاهم

، فالانقطاع عن الناس ليس بصحيح ، فإن الناس إذا شعروا أنك معهم
تشاركهم أحزانهم وأتراحهم تعيش مشكلاتهم ، أحبوك ، ولذلك أقترح على الدعاة
 أن يحضروا حفلات الزواج ، وقد يتعذر أحياناً عن عدم حضور حفلات الزواج لما عنده
 من إرهاق ، فلا يعني ذلك أنه لا يحب المشاركة ، لكن يحضر الزواج ،
فيبارك للعريس ، ويبارك لأهل البيت ،
ويفرح معهم ، ويقدم الخدمات ، ويرونه متكلماً في صدر المجلس ،
يرحب بضيوفهم معهم ، فيحبونه كثيراً . وأقترح أن يقدم الدعاة أطروحات لمن أراد أن يتزوج ويقولون له :
 نريد أن نساعدك وأن نعينك ، فماذا ترى وماذا تقترح علينا لنقدم لك ما يُساعدك على ذلك ؟
 وكذلك إذا سمع بموت ميت ، أن يذهب إلى أهله ويواسيهم ويسليهم ، ويلقي عليهم الموعظة .
كيف يراك الناس تدعوهم يوم الجمعة ، ثم لا يرونك في أفراحهم أو في أحزانهم ؟!

24 – مراعاة التدرج في الدعوة :

كذلك ينبغي للداعية أن يتدرج في دعوته ، فيبداء بكبار المسائل قبل صغارها

، فلا يُقحم المسائل إقحاماً ، فبعض الدعاة يذهبون إلى أماكن البادية في بعض القرى
 فيريد أن يصب لهم الإسلام في خطبة جمعة واحدة !
وما هكذا تعرض المسائل !!
عليك أن تأخذ مسألة واحدة تعرضها عليهم ، وتدرسها معهم كمسألة التوحيد ،

 أو مسألة المحافظة على الصلوات ، أو مسألة الحجاب ، أما أن تذكر لهم في خطبة واحدة
أو في درس واحد مسائل التوحيد ، والشرك ، والسحر ، والحجاب ،
 والمحافظة على الصلاة ، وحق الجار ، فإنهم لا يمكن أن يحفظوا شيئاً .
أوردها سعد وسعد مشتمل *** ما هكذا تورد يا سعد الإبل
يرسل الرسول صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن ، يقول له :

(( أوّل ما تدعوهم شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوك فأخبرهم
 أن الله فرض عليم خمس صلوات في اليوم والليلة )). هكذا يعرض الداعية ، لا تأتي إلى ناس لا يصلون وتطالبهم بتربية اللحى !
! فماذا ينفع في الإسلام أن يربي الناس لحاهم ، وهم لا يصلون ؟!
وكذلك لا تطالبهم بصغار المسائل حتى تخرج أنت وإياهم على مسائل كبرى ،

 تتفقون على قدر مشترك ، وتحاول بأساليب مختلفة .. مرة بالموعظة ، ومرة بالخطبة
، ومرة بالرسالة ، ومرة بالندوة ، ومرة بالأمسية ، حتى تسلك السبل كافة فإن بعض الناس قد يتأثر بخطبة الجمعة ولا يتأثر بالدرس ، وبعضهم على العكس من ذلك ،
 وأحياناً يكتب لهم رسالة ، وأحياناً يتصل بهم بالهاتف ، وأحياناً يرسل لهم بعض الدعاة
. فأرى أن تجديد الأسلوب مطلوب في عصر جُدّدت فيه أساليب الباطل !
والله يُخبر عن أهل الباطل أنهم أكثر مالاً ، وأكثر أنفاقاً ، وأكثر وسائل ، قال : (( فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ )) الأنفال .
لذلك لا ييأس الإنسان من قلة وسائله ، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام كانت ثقافات العالم حوله في جزيرة العرب – إمبراطورية كسرى وإمبراطورية قيصر – يملكون كل الإمكانيات الضخمة ، ومع ذلك كان هو في بيته المبني من الطين وبوسائله البسيطة ، ولكن مع الإخلاص والصدق بلغه الله ما تمنى ، وبلغ الدين مشارق الأرض ومغاربها !
25 – أن يُنزل الناس منازلهم :

كذلك ينبغي على الداعية أن ينزل الناس منازلهم ، فلا يجعل الناس سواسيه

 ، فالعالم له منزلة ، والمعلم له منزلة ، والقاضي له منزلة ، . فليس الناس عنده في منزلة واحدة .
وهذا ليس نوعاً من التفريق أو التمييز العنصري ، بل هذا من أدب الإسلام .

 يختلف لقاء هذا عن ذاك ، وتختلف نزلة هذا عن ذاك ، وبعضهم لا يرضى إلا بصدر المجلس
، وبعضهم لو عانقته يكون له عناق مختلف ، وبعضهم له عناق آخر ! فإنزال الناس منازلهم من الحكمة التي ينبغي أن يتحلى الداعية في تعامله مع الناس
، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان ينزل الناس منازلهم
، كما جاء في صحيح مسلم ورواه مسنداً أبو داود ، وهو صحيح من كلام عائشة .26


 – أن يُحاسب نفسه وأن يبتهل إلى الله :

على الداعية - أيضاً – أن يُحاسب نفسه محكّماً في ذلك قوله ، فيسمع لقوله إذا قال ،

 ويُحاسب نفسه على عمله ! هل هو ينفذ ما يقول أم لا ؟ وهل يطبق ما أمر به أم لا ؟ .
 ثم يسأل ربه العون والسداد ، وعليه أن يبتهل إلى الله في أول كل كلمة ،
 وأول كل درس ، ويسأل الله – عز وجل – أن يُسدده ، وأن يفتح عليه ، وأن يهديه .
ومما يؤثر في ذلك ، ما ورد في الحديث (( اللهم بك أصول ، وبك أجول ، وبك أحاول )).
وكان من العلماء إذا أرادوا أن يدرسوا الناس سألو الله بهذا الدعاء ،

وبعضهم كان يقول : (( اللهم افتح علي من فتوحاتك )) وبعضهم يقول :
 (( اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين فأهلك )) .
فإن الإنسان لو اعتمد على قدراته وإمكاناته وذاكرته وصوته تقطعت به السُبل ،

 فليس لنا معين إلا الله . فعلى الداعية إذا أراد أن يصعد المنبر يوم الجمعة أن يبتهل إلى الله أن يسدد كلماته وعباراته ،
 وأن يهديه سواء السبيل ، وأن ينفع بكلامه ، وأن يلهمه رشده ، فإنه لو شاء الله – عز وجل
– ما استطاع أن يواصل ، ولو شاء الله – سبحانه وتعالى – خانته العبارة
، أو أتى بعبارة ربما تورطه ، وتورط الناس معه ! أو أتى بعبارة خاطئة تخالف
الدين ! فعليه أن يسأل الله السداد والثبات ، فإن من يسدده الله – سبحانه وتعالى –
 فهو المسدد ، ومن خذله الله فهو المخذول .


27 – أن يكون متميزاً في عباداته :

فيجب أن يكون للداعية نوافل من العبادات ، وأوراد من الأذكار والأدعية ،
 فلا يكون عادياً مثل سائر الناس ، بل يكون له تميز خاص ، يحافظ على الدعاء بعد الفجر ،
 والدعاء بعد الغروب ، حتى يحفظه الله – سبحانه وتعالى – ويكون له وقت إشراق مع نفسه
، يحاسب نفسه بدعاء وبكلمات مباركة بعد الفجر ، ويكون له ورداً يومي بعيداً عن أعين الناس
، يقرأ فيه كثير من القرآن ، ويتدبر أموره ، ويكون له مطالعة في تراجم السلف ،
 لأن كثرة الخلطة مع الناس تُعمي القلب ، وتجعل الإنسان مشوش الذهن ،
 وقد يقسو قلبه بسبب ذلك ، فلا بد من العزلة ، أو ساعه من الساعات
 أو بعض الأوقات في اليوم والليلة ، يعتزل وحده فلا يجلس مع زائر ، ولا يلتقي بأحد
، ولا يتصل بهاتف ، ولا يقرأ إلا ما ينفعه ، ثم يحاسب نفسه على ذلك


.28 – أن يتقلل من الدنيا ويستعد للموت :

على الداعية أن يتفكر في الارتحال من هذه الدنيا ، ويدرك أنه قريب سوف يرتحل ،

 وأن الأجل محتوم ! سوف يوافيه ، فلا يغتر بكثرة الجموع ، ولا بكثرة إقبال الناس

29 – أن يكون حسن المظهر :

! وهذا ليس بصحيح ، فإن الله – عز وجل – قد أحل الطيبات ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم
 دعا إلى التجمل بقوله : (( تجملوا كأنكم شامة في عيون الناس ))
وقال : (( إن الله جميل يحب الجمال )) أخرجه أبو داود 4089


وقد يكون من المطلوب أن يكون الداعية متجملاً ، متطيباً ، ويكون مجلسه وسيعاً
، يستقبل فيه الأخيار البررة ، وأن يكون له مركب طيب ، فإن هذا لا يعارض سنة الله –
عز وجل – ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، إن الرسول صلى الله عليه وسلم يعتني بذلك ،
 في صلاة الاستسقاء خرج في لباس متبذل قديم يظهر الخشية والخشوع والفقر أمام الله –
 عز وجل – ولكنه في الأعياد لبس بُردة تساوي ألف دينار ، خرج بها أمام الناس
، أهديت له قيمتها مائة ناقة !
الدعاة أن يعيشوا في بيوت طين في هذا العصر الذي ما تبنى فيه البيوت إلا الفلل !!
 وإنه لمن الإجحاف كذلك أن نُطالب الدعاة أن يجلسوا على الخصف ،
 ويجلس الناس على الكنب الوثير ! أو أن نُطالب الداعية أن يلبس لباساً ممزقاً قديماً !
 أو يكتفي بثوب واحد طوال السنة ! مع العلم أن الله واسع عليم ،
وأن الله يحب أثر نعمته على عبده . وكذلك يجب على الداعية أن يهتم بمظهره الشخصي ،

وأن تكون حليته إيمانية ،
 وأن يظهر عليه الوقار والسكينة ، وأن يلبس لباس أهل الخير ، وأهل العلم ،
فإن لكل قوم لباساً ، ويمشي مشية أهل العلم ، ويكون مظهره جميلاً ،
ويعتني بخصال الفطرة ، كالسواك وتقليم الأظافر ، وأن يكون متطيباً ، محافظاً على الغسل ،
يحافظ على مظهره .. حتى يمثل الدعوة تمثيلاً طيباً أمام الناس .

29أن يكون للدعاية شخصيته المستقلة


إن على الداعية ألا يتقمص شخصية غيره ، وألا يذوب ذوباناً في بعض الشخصيات
، فتجد بعض الدعاة إذا أحب داعية آخر ، أو عالماً آخر قلده في كل شيء حتى
 في صوته ! وحتى في مشيته ! وحتى في حركاته ! فذاب في شخصية ذاك !
.
ولكن إن أحسن الناس فأحسن وإن أساءوا فاجتنب إساءتهم ، فذوبان الشخصية

ليس مطلوباً للداعية .فإن عليك أن تستقل بشخصيتك ، وتعلم أن الله خلقك نسيجاً وحدك
، وأن الأرض ما تستطيع - بإذن الله عز وجل - أن تخرج واحداً مثلك ،
 فأنت من بين الملاين التي خلقها الله منذ آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وحدك ،
 صوتك لا يشابهك فيه أحد ، وملامح جسمك واستعدادك ، وما عندك من مواهب ،
 كل هذه تختلف فيها عن غيرك ، وقد كانت العرب تكره أن يتقمص
الإنسان شخصية غيره .

30- ان يهتم بأمور النساء
كذلك على الداعية أن يهتم بجانب النساء ، بعالم النساء ، فلا يغفل هذا الجانب بكلامه ،

 ولا في محاضراته ، لأنهن نصف المجتمع ، وكل ما في هذا الكتيب إنما هو موجه
 إلى المرأة المسلمة أيضاً .
 

نسأل الله سبحانه وتعالى- أن يرضى عنا ،
 وأن يسدد منا الأقوال والأفعال ، وأن يتولانا فيماً تولى ،
وصلى الله على محمد وعلى آل وصحبه وسلم تسليماً كثيرا .
16 – أن يعلن الدعوة للمصلحة ، ويسرَّ بها للمصلحة :
فعلى الداعية أن يعلن الدعوة للمصلحة ، يعلن بها حيث يكون الإعلان طيباً كالمحاظرة العامة

، والموعظة العامة في قرية أو بلدة أو في مدينة ، ولكنه إذا أتى ينصح شخصاً بعينه فعليه أن يسر الدعوة
 ، فيأخذة على حدة ، ويتلطف له في العبارة ، وينصحه بينه وبينه ، قال الشافعي – رحمه الله :
تغمدني بنصحك في انفرادِ *** وجنبني النصيحة في الجماعه
فإن النصح بين الناس نوع *** من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت قولي *** فلا تجزع إذا لم تُعط طــــاعـــه
فيقصد أنه إذا خالفتني ونصحت الإنسان أمام الناس فلا تجزع فسوف يجابهك هذا

، وينتقم لنفسه ، وقد تأخذه العزة بالإثم وكم شكى لي بعض الشباب – حفظهم الله
– أن بعض الناس قد جابهم في مجتمع من الناس أو انتقدهم فأصابهم من تذمر وانقباض
 واشمئزاز ! وهذا ليس من المصلحة في شيء

هناك 3 تعليقات:

  1. رائع رائع جزاكـ الله كل خير ونفع بكـ

    وقفات مهمه

    أثلج صدري ماوجدته في مدونتك

    دمتِ ودام الخير طريقكـ

    ردحذف
  2. الصبر عنواني صاحبة مدونة التميز
    كم أسعدني تواجد قلمك واطرائك بمادونت هنا

    أسأل الله أن يتقبل منا ويجعل أقلامنا تشهد لنا بالخير

    ردحذف
  3. جزاك الله الفردوس الاعلى ونفع بك الامه
    لااوقف الله لك قلما

    ردحذف